هي في الضد

فتاة تشع تمردا علي الواقع المرير تتحمل مشاق لا يتحملها جبل رجال في مجتمع ذكوري لا تعيش به انثي كالمفترض, تبتسم و تبكي , تشد همم و تتشائم مبتسمة , تتوهج سخطا و حماسا , لها رصيد ضخم من الاحلام الرقيقة و المثالية عوضا عن تلك التي تتملك فتاة في عالم مغترب و مغيب , عرفتها منذ ثلاث سنوات , و كنت انتمي لتيار سياسي ( من اللي هما بيقعدوا في الصالونات و ينظروا و يقعروا ) عرفتها بعد أن قرأت لها مقال ساخر بعنوان "بريد الجمعة بعد خمسين عام" أذكره بأدق تفاصيله حتي هذة اللحظة , غرزت بي حماسا و تفاؤلا لم اجده بي من قبل , هي رفيقتي و صديقتي العزيزة جدا (أسماء علي) . أتعرفوا ما معني ان تسجن رفيقة لك وصديقة و هي التي تعلمت منها الكثير و الكثير سياسيا بل و فكريا و انت لا تدري ماذا يمكنك أن تفعل لأجل مناضله بمعني الكلمة مثل " سمسم ". حقا هو إحساس بشع بالعجز , ففي وقت كلنا معتقلون داخل هذا الوطن الخريب , لا تدري ما يحدث لها ولكل رفاقك داخل المعتقل الصغير علي اسوأ الفروض و نحن معتقلون خارج المعتقلات فاننا نعرف اشياء عن ظروفنا لكن هؤلاء ما يعرفون ؟

لرفيقتي اسماء وكل الرفيقات اهديكم قصيدة( هو كل ما استطيع فعله في وقت ابن أحبه زي ده ) قصيدة لفتاة لم تقصروا

في النضال عنها و لن تقلوا شرفا عنها

جميلة بو حيرد

الاسم : جميلة بو حيرد

رقم الزنزانة : تسعونا

في السجن الحربي بوهران

و العمر اثنان و عشرونا

عينان كقنديلي معبد

و الشعر العربي الاسود

....كالصيف

كشلال الاحزان

إبريق للماء ... و سجان

و يد تنضم علي القضبان

و امرأة في ضوء الصبح

تسترجع في مثل البوح

آيات محزنة الارنان

****

الاسم : جميلة بو حيرد

....اسم مكتوب باللهب

مغموس في جرح السحب

...في ادب بلادي .. في ادبي

العمر اثنان و عشرنا

في الصدر استوطن زوج حمام

و الثغر الراقد غصن حمام

امرأة من قسطنطينة

لم تعرف شفتاها الزينة

لم تدخل حجرتها الاحلام

لم تلعب ابدا كلاطفال

لم تغرم في عقد او شال

لم تعرف كنساء فرنسا

أقبية اللذة في ( بيجال )

****

الاسم : جميلة بو حيرد

اجمل اعنية في المغرب

اطول نخلة

لمحتها واحات المغرب

اجمل طفلة

اتعبت الشمس ولم تتعب

يا ربي .. هل تحت الكوكب ؟

يوجد انسان

يرضي ان يأكل .. ان يشرب

من لحم مجاهدة تصلب

****

أضواء ( الباستيل) ضئيلة

.. و سعال امرأة مسلولة

أكلت من نهديها الاغلال

أكل الانذال

( لاكوست ) و آلاف الانذال

من جيش فرنسا المغلوبة

انتصروا الان علي انثى

أنثي .. كالشمعة مصلوبة

القيد يعض علي القدمين

و سجائر تطفأ في النهدين

و دم في الانف .. وفي الشفتين

****

مقصلة تنصب .. و الاشرار

يلهون بأنثي دون ازار

و جميلة بين بنادقهم

عصفور في وسط الامطار

الجسد الخمري الاسمر

تنفضه لمسات التيار

و حروق في الثدي الأيسر

... في الحلمة

في .. في .. يا للعار

****

الاسم : جميلة بو حيرد

تاريخ .. ترويه بلادي

يحفظه بعدي أولادي

تاريخ امرأة من وطني

جلدت مقصلة الجلاد

امرأة دوخت الشمس

.. جرحت ابعاد

ثائرة من جبل الاطلس

يذكرها الليلك و النرجس

... يذكرها .. زهر الكباد

ما أصغر (جان دارك ) فرنسا

في جانب ( جان دارك ) بلادي

نزار قباني

إلي رفاقي

قد يكون كلامي هذا تعبيرا عن التضامن ولكنه بالحقيقه تعبيرا صريحا عن الخجل فالأن انا اجلس في بيت امامي شاشة كمبيوتر و بجوارها علبة سجائر وزجاجة بيرة اسمع أغاني وأنام بالساعات و اتفرج علي الافلام بينما رفاقي من تربي معنا سويا حلم بمصر افضل رفاقي الذين شقينا معا و ضحكنا وبكينا معا , لا أحد يدري ما يجري معهم لا أحد يدري ان كانوا ... أو ... فأنا لا أدري ما هي احتمالات مصائرهم قد يكون الاعنصام او التظاهر وسيله قد تكون مفيدة لكن ها هو روتين الحياة البائس يمنعني من ابسط شئ يمكن ان افعله من اجل هؤلاء الرفاق فماذا سيكون الوضع عند القبض علي و تفوتني سنه دراسية بعد ضياع الامتحان و لماذا ان اجبن من انا اضحي بشئ تافه و هم لا ينظرون لأي خسارة

رفاقي انا اسف ارجو ان تعذروني

العزاء

وجوها متجهمة .. أجساد متكئة علي جريد النخيل .. جلد منكمش .. وشما أخضر يأخذ من الذقون تاريخا له .. بعضهم يجلس علي مقاعد متهالكة .. والاخر يجلس علي بقايا قضبان السكة الحديد , كان هذا هو المشهد الاصلي في عزاء واحدة من اللاتي هجرهن أزواجهن , وتنزل للسوق لتبيع ليمون وتشقي من أجل خمسة أطفال . تمر العربات بجوار العزاء مبطئة ( للمزلقان ) المجاور للعزاء , ثم يأتي من بعيد صفير القطار معلننا سخطه للجميع , تمتد سلاسل معدنية علي جانبي شريط السكة الحديد , ليمر القطار بعد لحظات بعيدة , فمثل تلك البلاد لا يمر بها قطارا سريعا , فجأه من جانب اليسار صوت ( سرينة اسعاف ) يدوي و يطلب من عامل السكة الحديد أن يمررة , فهو يحمل انسان يتألم , و كعادة البسطاء .. يلبي العامل طلب الاسعاف , ويفتح الطريق , فتمر سيارة الاسعاف .... و فجأه تقف في منتصف شريط القطار لتجد سيارة شرطة تقف في طريقها متجاوزة اتجاه الطريق .......... و اتي القطار.